نهاية الأرض
التف العالم كله طوال الأسبوع الماضي حول علماء الفضاء .. والخوف والقلق يسيطر على النفوس بعدما صرح العلماء باحتمال اصطدام النيزك " 2002N77 " بالأرض في 1 فبراير سنة 2019 بسرعة 28 كيلو متر في الساعة فهل سيكون هذا اليوم هو آخر يوم للبشرية.. قدرت قوة ارتطام هذا النيزك الذي يصل قطره إلى 1.2 ميل ويدور حول الشمس في 837 يوما بمليون انفجار مثل "هيروشيما" أي أنه يمكن أن يدمر قارة بأكملها ويقضي على ربع سكان الأرض.
ولكن أخيرًا استطاع الناس أن يتنفسوا الصعداء حيث أعلنت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا أنه بعدما أجروا حساباتهم اكتشفوا أن النيزك 2002 N77 لن يرتطم بالأرض.. بل انتقدت بشدة الإعلام الإنجليزي لنشره الفزع بين الناس، وبعد هذا التصريح اطمأن الناس وفي غضون ساعات نسوا مخاوفهم فغالبًا ما يغفل الناس عن الأخطار التي تهددنا من الخارج بل يهتمون بأخطار أخرى قد لا تقارن بحجم كارثة ارتطام نيزك بالأرض وتقل عنها بكثير في معدلات إمكانية الحدوث.
احتمال ارتطام نيزك كاحتمال سقوط طائرة
أوضحت دراسات الفلك أن احتمال الموت جراء ارتطام نيزك بالأرض هو نفس احتمال الموت بسبب سقوط طائرة وهو 1 في العشرين ألفا, أو عضة الأفعى ذو الجرس أو تناول طعام مسموم. وعند ارتطام نيزك بالأرض يكون الموت إما نتيجة الارتطام نفسه أو بسبب الزلازل والبراكين التي ستعصف بالأرض من جراء الارتطام, أو من المجاعات التي تنتشر بسبب حجب الغبار الناتج عن الارتطام لأشعة الشمس.
وقد اكتشف العلماء مؤخراً في 5 إبريل 2002 أن عدد النيازك أكثر بكثير مما كانوا يظنون حيث وجدوا أنه يوجد ما بين 1.1 إلى 7.9 مليون نيزك قطرة أكبر من كيلو متر في حزام الكويكبات الموجود بين المريخ والمشترى وهو ضعف ما كان يظنه العلماء في الماضي.. وليس هذا فقط بل إنهم وجدوا أن عدد الأجسام القريبة من الأرض NEO (Near Earth Objects) يتراوح بين 700 إلى 1200 جسم بعدما كانوا يظنوا أنه ما بين 200 إلى 700 وقد وجدوا حتى الآن نصفها فقط.
تقترب وتبتعد.. دون أن يلاحظها أحد
وفي هذا العام اقتربت الكثير من النيازك من الأرض فيوم 14 يونية 2002 شهد أحد المرات التي يمر فيها نيزك بهذا القرب من الأرض حيث اقترب النيزك " 2002mn " من الأرض بمسافة 75000 ميل وهي أقل من ثلث المسافة إلى القمر, ومع هذا القرب لم يكتشف مروره إلا في 17 يوليو أي بعد مروره بأربعة أيام، وكان آخر مرة اقترب فيها نيزك بهذا الشكل من الأرض في ديسمبر 1994, ولم يكن هذا هو النيزك الوحيد الذي يمر دون أن يلاحظه أحد فقد مر النيزك 2002Em7 في 8 مارس 2002 على بعد 480.200 كيلو متر من الأرض وهي 1.2 مسافة بعد القمر من الأرض وأيضاً لم يلاحظ .
وكان قد اقترح بعض علماء الفضاء وضع تلسكوب مشابه للتليسكوب هابل في مدار حول عطارد ليستطيع رصد هذه الأجسام مبكرًا وملاحظة الجزء من السماء الذي يستحيل ملاحظته من على الأرض، ولكن حتى مثل هذا التليسكوب لن يلاحظ الأجسام صغيرة الحجم فهو فقط يستطيع رصد النيازك الضخمة التي من الممكن أن تسبب دمارا هائلا.
دلو من الدهان.. يحل مشكلة ارتطام النيازك
ومع تزايد إحساس علماء الفضاء بحجم المشكلة التي يمثلها إمكانية ارتطام نيزك بالأرض بدأ التفكير بجدية حول إيجاد حل أو وسيلة لمواجهة أي نيزك قد يقترب من الأرض وتزيد احتمالات ارتطامه بها .. وقد وجدوا أن الحل بسيط ويقتصر على طلاء هذا الكويكب أو النيزك بالدهان أو حتى إلقاء بعض الجير والفحم عليه فيمر بسلام.
والفكرة ترجع إلى تقرير كتبه عالم الفضاء ياركوفسكي I.o yarkovsky منذ قرن مضى حيث قال إن الشمس تدفئ النيزك في جانب النهار أكثر من جانب الليل والجانب الأكثر دفئا في النيزك يشع إشعاعات حرارية تخلق فارقا بسيطا في كمية التحرك (Momentum ) فتدفع النيزك بنفس الطريقة التي ينطلق بها الصاروخ وهذا يتم على مدار مئات الأعوام.. مما يكسب النيزك سرعة اندفاع عالية.
واعتماداً على هذه الفكرة طرح Joseph sptale بجامعة أريزونا بالولايات المتحدة فكرة الاعتماد على الدهان أو الديناميت لتغيير اتجاه اندفاع النيزك بعيدا عن الأرض, حيث إنه لن يكون صعباً إذا تم اكتشاف نيزك في طريقه للارتطام بالأرض أن يتم إرسال بعض الـ TNT للتخلص من بعض السنتيمترات من سطحه للتأثير في قدرته على توصيل الحرارة, أو عن طريق دهان النيزك أو تغطيته بالقاذورات لتؤثر على قدرته في عكس أشعة الشمس وبالتالي تخفيض سرعة اندفاعه وتغيير مساره.. لكن هذا فقط إذا تم اكتشافه.. فهل يحتمل أن نلقى مصير الديناصورات وتنتهي حياتنا على الأرض بفعل أحد تلك النيازك التي تدور حولنا طوال الوقت.. "ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً".